هل نجاح غوارديولا بفضل أموال النادي فقط ؟

0
385

الفكرة لا تجابهها الا فكرة تفوقها عمقا و شمولية أو على الأقل تضاهيها.

في كرة القدم تحلل الأساليب و ليس النتيجة، النتيجة للمتابعين اما التحليل فهو لأهل الاختصاص ،لا اقول هذا مدعيا انني ” فهيم ” . و لكن هذا اعتقادي و انا اشد المؤمنين بالاختصاص ، أقول هذا بعد كل ما شاهدته من تعليقات بخصوص جوارديولا ، وان كل ما حققه هو بفضل الأموال و ليس لقوة افكاره التكتيكية، اذا سلمنا بصحة هذا الامر لماذا لا نشاهد هذا التوهج لدى جاره المان يونايتد و هو الذي صرف أكثر من السيتي بكثير في اخر ثمان سنوات، تعالوا معي كي نتعرف على بعض من ” الشر التكتيكي ” الذي تمتع به البيب امام ريال مدريد .
-شخصية البطل champion character:
إن اكثر ما كان يعوز مان سيتي في المباريات الحاسمة ضد الفرق المتوجة في منافسة دوري ابطال اوروبا هي شخصية الفرق الكبيرة التي تمتلك الهدوء الثقة بالنفس و الارادة الجامحة لتحقيق الفوز، لكن في مباراته الاخيرة ضد الريال ظهر مان سيتي بارادة قوية و تركيز عال و هدوء كبير ينم عن ثقة عالية بالنفس ، مما يدل على ان جوارديولا اولى اهتماما كبيرا للجانب الذهني و النفسي و عرف كيف يقنع لاعبيه هذه المرة بالتصرف بشخصية البطل الواثق من نفسه و امكانياته، وهو ما انعكس ايجابا على اداء السيتيزنس.

-الاستحواذ possession:
لا شك ان البيب راجع ارشيف ملفاته التدريبية خاصة مواجهاته ضد ريال مدريد، لا سيما لما كان على راس البرسا، اين كان يفوز في كل مرة على الريال عن طريق الاستحواذ المتقن بتمريرات قصيرة على شكل مثلثات triangle shape في مساحات ضيقة tghit spaces، و هو ما كان يتسبب في ضرب نظام لعب الريال الذي كان يعتمد على سرعة التحولات speed transtions، حيث كلما مر الوقت و لاعبو الميرنغي لم يلمسوا الكرة تنتابهم حالة من التوتر و العصبية كانت تتسبب لهم حتى في بعض حالات الطرد، في نفس الوقت تكسر ريتم اللعب لديهم الذي يتطلب سرعات متوالية، هذا ما استذكره جوارديولا و طبقه امامهم.

-اللامركزية decentralization:
الكل يتذكر لقطة فينسيوس عندما ذهب الى ” الميستر ” انشيلوتي و هو يشتكي له الفوضى العارمة التي شهدها لاعبو الريال في عملية المراقبة marking، التي جعلتهم يلومون بعضهم بعضا ،و كل لاعب يحمل الاخر مسؤولية مراقبة لاعب ما، و السبب هو عدم التزام لاعبي السيتي بمراكزهم في معظم الوقت معتمدين مبدا تبادل المراكز permutation ، لكن اود ان اؤكد هذه العملية لم تكن عشوائية ابدا ،لكن كانت بشكل منظم و مدروس و متفق عليه ،و لا ادل على ذلك هدف برناردو سيلفا الاول كيف دخل سيلفا الى النصف مساحة half space داخل منطقة العمليات، تاركا مكانه لستونز القادم من وسط الميدان ليشغل مركز الجناح مما حرر دي براوني الذي مرر كرة من على حدود المنطقة 14 ” zone 14 ” ، كل ما تم ذكره مجرد مثال بسيط على ما سبق شرحه، كل هذا يندرج تحت ما يسمى اللامركزية في الاداء Decentralization of performance.

-تقارب الخطوط Lines convergence:
هنا يجب ان اقف عند النقطة ، لا لسبب الا لخطورة ما قام به جوارديولا ضد منافس يعد من احسن الفرق تطبيقا للتحولات السريعة speed transtions، ان تلعب ب 3 مدافعين و امامهم محوريين 2 pivots في وسط الميدان، لتقوم بهجوم ضاغط بكامل عناصر فريقك في اخر 30 متر من الملعب ،فهذا يعد من الخطورة الشديدة high risk، لأن اي خطا في التمرير كان سيضع رفقاء بن زيمة امام مساحات فارغة يجيدون استخدامها بدقة، لكن البيب كان يعي جيدا هذا الخطر و وضع حلا ناجعا، متمثلا في الضغط العكسي counter pressing حيث كان يمارس عند فقدان الكرة على حامل الكرة المنافس ضغطا شرسا سريعا agressive pressing بعدد كاف من اللاعبين مكنه من استرجاع الكرة في وقت قصير جدا، زاد لاعبي السيتي راحة و ثقة بالنفس، و ارهق لاعبي الريال ذهنيا و نفسيا و لم يمكنهم من التقاط انفاسهم و جعلهم ينهارون مع مرور الوقت امام كثافة عددية numerical density جعلت الستيزنس يبدون و كانهم فريقين على أرضية الملعب و ليس فريقا واحدا.

-نقطة نظام rule piont:
في الندوة الصحفية التي اعقبت مباراة الذهاب اما ريال مدريد مدريد سال احدا الصحفيين جوارديولا : لماذ فسحت المجال للريال في اخر ربع ساعة و لم تشرك مهاجمين يعطونك دفعا في الهجوم ؟ فاجابه اليبب قائلا: اردت ابطاء الريتم لم ارده سريعا . فهمت حينها ان الرجل يستدرج الريال الى ” حتفه ” في مباراة الاياب . معطيا الانطباع للريال بعد نتيجة التعادل انه بامكانه الفوز هناك. ليفاجئه ب ” مجزرة كروية ” في مباراة العودة لم يكن يتوقعها انشسلوتي و لم يجد امامها حلولا و اكتفى بمعاينة الخسائر امام سيل جارف من الهجمات و الاختراقات من اطراف و عمق الملعب.
مرة اخرى اعود و اقول ان الاموال وحدها لا تصنع جودة الاداء و الالقاب. جوارديولا بالرغم من هوسه و عناده الذي يوقعه احيانا في المتاعب . لكن يبقى كواحد من افضل المدربين في تاريخ اللعبة من ناحية الافكار الابتكار و التجديد . هذا ان لم اقل هو الافضل على الاطلاق. لذلك اغطس قليلا في عمق التحليل التكتيكي كي تنهل منه .و لا تكن سطحيا و تدع بعض الانتماءات تفقدك مصداقيتك امام الاخرين. و لا تكن من اصحاب ” العنتريات ” الذين يعارضون كل شيء و اي شيء في كل مكان و في اي زمان.

  • تحليلات الكوتش: داود ميلاح

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا