في أجواء حماسية ومليئة بالتشويق، التقى شباب باتنة ومولودية باتنة في مواجهة لا تعترف بالحسابات التقليدية، حيث يُعتبر هذا الديربي واحدًا من أكثر المباريات انتظارًا في الدوري الجزائري للدرجة الثانية. المباراة، التي جرت على أرضية ملعب 1 نوفمبر 1954، شهدت حضورًا جماهيريًا غفيرًا أعطى اللقاء طابعًا استثنائيًا يعكس قيمة المواجهة بين الفريقين.
منذ الدقائق الأولى، بدا واضحًا أن كل فريق عازم على فرض أسلوبه داخل الملعب، حيث تبادل الطرفان الهجمات وسط صراع قوي في خط الوسط، ولو أن أشبال عمران حاولوا منذ الوهلة الأولى حمل المشعل وصنع اللعب، من خلال الضغط على منطقة الحارس عابد المدعم بدفاعه المنظم، الأمر الذي أعطاهم الأسبقية سيما في الشوط الأول، في محاولة التهديد وفرض حصار على مرمى الشباب الذي فضل لاعبوه تحصين مواقعهم الخلفية، والاعتماد على الهجمات المرتدة التي كادت أن تثمر عند الدقيقة (7)، لو استغل واجي فرصته.
المولودية التي كانت لها الأولوية في كسب الصراعات الثنائية، حاولت نقل الكرة والخطر إلى المعسكر المقابل، حتى وإن لم يجد حجيج في مناسبتين(د11 و13)، الثغرة المؤدية إلى شباك عابد الذي تصدى لمحاولتيه، فيما كان رد الكاب قويا عن طريق بن يحي الذي جانب التهديف بتسديدة قوية (د19).
تكتل «الشواية» في منطقتهم، وغلقهم كل المساحات والمنافذ، صعب من مهمة رفقاء بوخنشوش الذين تاهوا بين الرغبة في التهديف والخلط بين السرعة والتسرع، وهو ما فوت على زمورة صنع الفارق (د22).
ومع مرور الوقت، ازدادت درجة الضغط النفسي للمباراة، في ظل حالة الحذر التي تبناها الفريقان، وسقوط لاعبيهما في اللعب العشوائي، لتأتي الدقيقة (28)، التي كادت أن تبتسم لناجي بقذفة قوية كادت أن تخادع الحارس عميري، قبل أن يفوت كابري فرصة سانحة للتسجيل للمولودية، بتسديدة إثر تماس من حجيج، تصدى لها حارس الشباب عابد وأخرج الكرة إلى الركنية (د36)، ليتواصل اللعب بتبادل الهجمات من الطرفين حتى نهاية الشوط الأول.
المرحلة الثانية عرفت تصعيدا في الهجمات من الجانبين، خاصة من طرف رفقاء لعلاونة، الذين رموا بكامل ثقلهم في الجهة المقابلة، في محاولة إحداث التفوق باللجوء إلى المرتدات التي كانت في كل مرة تنقصها الدقة والرزانة، إلى درجة أنه لم تمض (8) دقائق حتى فوت بن يحي فرصة التهديف، وهي المحاولة التي كانت بمثابة إنذار للاعبي المولودية الذين حاولوا الرد عن طريق الهجمات المعاكسة بواسطة حجيج وبوخنشوش، غير أنها لم تشكل خطرا حقيقيا على مرمى عابد. وبالموازاة مع ذلك، فضل المنافس تنظيم صفوفه، حتى أن البديل عبد الكاوي، كان قاب قوسين أو أدنى من مخادعة الحارس عميري(د57).
وفي الدقيقة (63)، احتج لاعبو المولودية على الحكم بحجة حرمانهم من ضربة جزاء عقب عرقلة حجيج، ليبقى اللعب متمركزا في وسط الميدان.
الانتشار الجيد للكتيبة الزرقاء، إلى جانب حيوية عناصرها في وسط الميدان، جعل البوبية تضاعف الحيطة، مع الاعتماد على الجناحين خاصة بعد دخول معمري إلى حين الدقيقة(75)، التي كادت أن تحبس أنفاس أنصار المولودية بعد أن كان عبد الكاوي قريب من هز شباك عميري، لتتولى الركنيات لفائدة الشباب، غير أنها لم تستغل، ليشتد التنافس والإثارة في الدقائق الأخيرة، حتى نهاية المباراة بتعادل عادل، مثلما كان الشأن في لقاء الذهاب.
هذا التعادل يبقي الصراع مفتوحًا بين الفريقين في سباق الدوري، حيث يسعى كل منهما لتحقيق نتائج إيجابية في الجولات القادمة لضمان مركز مريح في جدول الترتيب.
ومع صافرة النهاية، خرج الفريقان بنقطة لكل منهما في مواجهة جسدت روح التنافس الشديد بين الجارين، لكنها لم تحسم الصراع القائم بينهما. ورغم غياب الأهداف، إلا أن اللقاء لم يخلُ من الإثارة والتشويق، حيث قدم اللاعبون أداءً قوياً عكس الرغبة في تحقيق الفوز.